لاعب بالإيمان إذ لم يعرفه ، فليس ضلاله كالذي ارتد بعد معرفة الإيمان كالذين (جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا).
ولقد استغرقت شكيمة النفاق الدائر بين ظاهر الإيمان وباطن الكفر ، استغرقت مجالة واسعة وعرضا عريضا في هذه الآيات ، ولكي نعرف حبائل النفاق ومخلّفاته ضد كتلة الإيمان.
(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) ١٣٩.
وهذه مواصفة أخرى للمنافقين أنهم (يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) اختصاصا لموالاتهم الكافرين ومعاداتهم المؤمنين ، فقد تعني (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) أنهم لا يختصون موالاتهم بهم فإنما يستبدلون الكافرين بالمؤمنين ، وأما المولاة العوان بين هؤلاء وهؤلاء فهي موالات مشركة لا تعتبر من موالاة الإيمان ، كما العبادة المشركة ليست من عبادة الله.
وماذا يبتغون من هذه الموالاة الكافرة؟ (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ)! (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) ولأهل الله ، ف (لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٦٣ : ٨).
فعزة الرسول والمؤمنين راجعة الى الله فإنها من الله على ضوء الإيمان بالله ، فلا معارضة بين آيتي اختصاص العزة بالله وتعميمها للرسول والمؤمنين.
إن عبودية الله وولاية الله ورسوله والمؤمنين هي كلها عزة واعتلاء ، فكيف يعتز المؤمن بمن يكفر بالله ، وكأن الله لا يكفيه عزة أم هو ذليل وأعداءه أعزة.
فالاعتزاز بأية موالاة في أيّ شأن من شؤون الكفار اهتزاز في الإيمان