فإنهم أولاء الأنكاد حال ايمانهم ينافقون وحال كفرهم بعد ايمانهم يزدادون كفرا ، فلئن كانت لهم بشارة فهي هو العذاب الأليم فضلا عن النذارة.
ولو أنهم تابوا عن نفاقهم كما في آية التوبة الآتية ، غفر الله لهم ، فإنما (لَمْ يَكُنِ اللهُ) هناك و «بشر» هنا قضية طبيعة الحال في المنافقين الذين يتكرر منهم ظاهر الكفر بعد الإيمان.
فمثلهم ـ إذا ـ كمثل قوم يونس : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ ..) (١٠ : ٩٨) وهو بعد التهديد الشديد بعدم قبول الإيمان عند رؤية البأس : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٤٠ : ٨٥).
إذا ف (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) لا تعني إلّا الذين يموتون كفارا أولا يتوبون توبة نصوحا.
وقد تعني (لِيَغْفِرَ لَهُمْ) تأكد الغفران ، فهو المسلوب فقط دون أصله بإمكانيته في ظروفه الصالحة.
إذا فلا غفران إلّا لأهله في أهليته وهي صالح الإيمان مهما كفر قبله وارتد مرات ومرات.
فالكفر الذي يسبق الإيمان يغفره ويستره الإيمان ، فإن الذي لم يشهد النور معذور حيث هو مدلج في الظلام الديجور ، وأما الكفر بعد الإيمان ولا سيما في مراته وكراته ، فهو الكفر المقصر دون قصور ، والكفر المعاند دون فتور ، حيث الإيمان تكشف للفطرة التي فطر الناس عليها ، فالارتداد بعد الإيمان ارتجاع الى التيه الوقيح بعد النور ، اللهم إلّا الذي آمن نفاقا ثم كفر ، فهو