بالأمر المدبّر المشئوم (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٣ : ٧٢) وذلك من ازدياد الكفر حيث يتكرر لهذه البغية اللعينة.
فذلك ارتداد ملعون في أصله وفصله ، في أصله استهزاء بمادة الإيمان وأهله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (٢ : ١٤).
وفي فصله استفزازا لهم حيث يتلكئون ، إذا ف (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) فإن غفرهم ظلم بالإيمان وأهله (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) إلّا سبيل جهنم ، (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ ..) كما في تلحيقة هذه الآيات المتحدثة عن فنون النفاق الكافر والكفر المنافق بأرذله ، وآيات أخرى ك (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ... إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) (٣ : ٩٠).
ذلك ، وإذا قبلت التوبة الصالحة ممن تكرر منه الارتداد وإزداد كفرا ، فهلا تقبل ممن ارتد مرة ولا سيما عن جهالة ثم آمن عن صالح الإيمان؟!.
وقد تشمل (الَّذِينَ آمَنُوا) هناك (الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) كافة المؤمنين بالله دون المؤمنين بهذه الرسالة الأخيرة فقط ، فالذين آمنوا بموسى ثم كفروا به ثم آمنوا ثم كفروا وازدادوا كفرا بأن كفروا بمن بشر به كما كفروا به (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ..) ولماذا؟ لأن إيمانهم ليس مستقرا بل هو نفاق في الإيمان ف :
(بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) ١٣٨.