فقد يجب الجهر بالسوء على الظالم حين لا ينتهي أو لا تخف وطأته إلّا بذلك ، نهيا عن منكر الظلم ، وإن لم ينته ففضحا له حتى يعرف فيتجنب.
وقد يحرم إذا ازداده ذلك الجهر ظلما وعتوا ، وبينهما عوان انتصارا راجحا وإن في الاعتداء عليه بمثل ما اعتدى.
ذلك (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً) أقوالكم «عليما» بأحوالكم ، لا تخفى عنه خافية ، فهو عليم موارد الحظر والسماح للجهر بالسوء من القول ، دون أن ينغر بغرور ويحتال باحتيال هؤلاء الذين يجهرون بالسوء من القول على الأبرياء (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)!
فحين يشك في الجهر بالسوء من القول أنه محظور أو محبور ، ويوشك أن يكون في الحق من المحظور فهو ـ إذا ـ محظور حيث الخارج عن الضابطة هو المقطوع كونه «ممن ظلم».
إذ لا بد في السماح لذلك الجهر إما من إصلاح ، أم اعتداء على الظالم مثل ما اعتدى ، وأما أن يطلق اللسان السوء على كل رطب ويابس علّه يستحقه فلا! حيث الضابطة الثابتة هي الحظر إلّا الخارج بقاطع البرهان.
وترى «من ظلم» تختص بالجاهر بالسوء إذا ظلم هو نفسه ، أم وإذا ظلم بما ظلم أهله ، أم وأظلم منه إذا ظلم الحق ، فقضية النهي عن المنكر الجهر بالسوء كسائر موارد السماح في الجهر بالسوء من القول حيث يدور الأمر بين مهم الجهر بالسوء محظورا ، والأهم منه وهو الظلم فإنه أشد محظورا.
إن الجهر بالسوء من القول على المبتدع في الدين والهاتك حرم المسلمين