في شرعة الله ، ولأن القنوت هو الطاعة عن طوع وإرادة ورغبة ومحبة ، لذلك لم يبدل عنها ب «طائعات» فإنها طليقة في أبعاد الطوع رغبة وسواها ، محبة وسواها.
لذلك نجد القنوت في سائر القرآن أعلى محتدا من الطاعة لأنها أخص منها : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً ..) (٣٣ : ٣١) حيث العمل الصالح هنا من خلفيات القنوت لله ورسوله : (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٣ : ٤٣) ـ (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) (٣٩ : ٩) ـ (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٦ : ١٢٠) ـ وعلى الجملة (سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (٢ : ١١٦) ـ (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ).
إذا فوسيط «قانات» بين (فَالصَّالِحاتُ ... حافِظاتٌ) هو الوسيط المحور الأصيل بينهما ، فالقانتة لله ولزوجها بأمر الله هي صالحة حافظة للغيب بما حفظ الله.
و (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) لا تختص بغيب الأزواج مهما كان من حلقات الغيب ، بل والأصل هو الحفاظ على غيب الألوهية ذاتا ، اعتبارا بحضوره ككل علما وقدرة وتدبيرا ، ثم الحفاظ في غيب الناس كما في حضورهم على أحكام الله ، ومن ثم الحفاظ في غيبة الأزواج على عفافهن وأعراضهم وأموالهما وسائر ما يجب الحفاظ عليه في شرعة الله.
(حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ) : بحفظ الله لهن كما يردن قنوتا لله ، وبما حفظه الله منهن في شرعته عرضا ومالا ، حالا ومالا وعلى أية حال (١) ف «ما»
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٥٢ ـ أخرج الحاكم عن سعدان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : ثلاث من السعادة المرأة تراها فتعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون وطيئة ـ