الرُّسُلِ) إذ كانوا يحتجون على الله لو لا الرسل : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (٢٠ : ١٣٤) ـ (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٨ : ٤٧) (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١٧ : ١٥) (١).
صحيح أن العقل رسول في الأنفس كما الشعور في أنفس الحيوان مهما اختلفت الدرجات ، ولكنما المسؤولية التي تحملها رسالة الوحي الآفاقية لا يحملها رسول العقل ، فلا يهلك بعذاب الاستئصال من لم يأتهم رسول مهما كانوا مسئولين بما يحمله رسول العقل ويحمّلهم إياه.
ومن ثم فنفس الضلال لولا رسالة الوحي خزي وذل لمثل الإنسان الذي خلق في أحسن تقويم ، فمع الغض عن سلب المسؤولية لولا الرسالة ، هنا حجة لهم على الله لماذا لم يرسل رسلا (فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) «ولا أحد أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث الرسل مبشرين ومنذرين» (٢).
(وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) قادرا على إرسال الرسل فلما ذا لا يرسل «حكيما» في مادة الإرسال ونوعيته فلما ذا لا يرسل ، فعزته تعالى وحكمته حجة عليه من الناس لو لم يرسل رسلا مبشرين ومنذرين ، ولذلك كله :
«فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبيائه ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم
__________________
(١) لتفصيل البحث حول حجة الرسالة راجع تفسير هذه الآية في سورة الأسرى ج ١٥ الفرقان.
(٢) الدر المنثور ٢ : ٣٤٨ ـ أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله سلّم) لا احد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك مدح نفسه ولا أحد أحب إليه العذر ...