الكبيرة النادرة الناضجة النابغة اهتدى إلى مثل ما اهتدت إليه العقول العادية بالرسالة ، لا في تصورات عقيدية ، ولا في خلق ، ولا في نظام حياة ، ولا في تشريع لذلك النظام.
فلا نجد أي فيلسوف عبقري لامع بمستوى أدنى رسل الله في التصور الصالح عن الكون ومعرفة المكون والشرعة التي بلّغها العالمين.
فالخلخلة وعدم الاتزان والتوازن هي الطابعة الدائمة العشيرة للحياة العقلية المنفصلة عن رسالة الوحي ، مهما تلمّعت العقول والعلوم وتضخمت في بعض جوانب الحياة حيث تنطفي جوانب أخرى وقد يذوب تلمّعها بعد حين.
وأما رسالة الوحي ف (لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)!.
(لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (١٦٦).
دور «لكن» هنا إضراب عما يتقولون في نكران وحي القرآن كقولتهم نزّل علينا كتابا من السماء ، أن القرآن بنفسه دليل وحيه الصارم من سماء الرحمة الربانية دونما حاجة إلى شهادة أخرى غير نفسه.
وانه لا شهيد أشهد من الله ولا شهادة لله أشهد من كتاب الله ، إذا فالله هو الشهيد بين الرسول والمرسل إليهم فهل ترى من باقية؟ : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ..) (٦ : ١٩) ـ (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (١٣ : ٤٣).
أجل (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) فالقرآن شهيد على وحيه لما يحوى من علمه ، حال