ومن ثم (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ) صيغة عامة تشمل كافة المستنكفين عن عبادته والمستكبرين ، ممسوحين أو مقربين كالمسيح والملائكة ، أو مغرّبين كالطواغيت ، (فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) صالحين وطالحين دون أن يفلت منهم فالت ومن ثم :
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (١٧٣).
فالإيمان بالله ورسله وعمل الصالحات التي تصلح لساحة الربوبية هما الضمانان الوافيان ل (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) (١) ثم الاستنكاف عن عبادته والاستكبار ضمانات لأليم العذاب ثم (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (١٧٤).
«برهان» بيان للحجة وتبيان للمحجة ، فهو القرآن ومعه رسول القرآن فإنه بيان للقرآن تفسيرا وتأويلا علميا وعمليا وبلاغيا ، ثم (نُوراً مُبِيناً) هو القرآن : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤٢ : ٥٢).
كما وهو نبي القرآن الذي ينير الدرب في الاستنارة بأنوار القرآن : (يا
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٤٩ عن ابن مسعود قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله سلّم) في قوله (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) قال : أجورهم يدخلهم الجنة ويزيدهم من فضله الشفاعة فيمن وجبت لهم النار ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا.