وربوبيته (سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) ولماذا يتخذ ولدا ، ألكي يتخلص عن غربة إلى معين يرثه و (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) عن نفسه وعن كل خلقه فلا يحتاج إلى وكيل.
ولن تستقيم تصورات الناس وحيوياتهم إلّا بتمحيص حقيقة التوحيد من كل غبش أن يعرفوا الصلة بينهم وبين ربهم ، وكذا الانفصالة في هذا البين ، فهو باين عن خلقه وخلقه باين منه ، لا هو في خلقه ولا خلقه فيه ، فكلما عند الله لا يوجد عند خلقه وجدان الألوهية والربوبية ، وما عند الخلق لا يوجد عند الخالق ذاتية او صفاتية أو افعالية ، اللهم ألّا عندية التخليق لا من ذاته ، إنما لا من شيء أو من شيء هو أبدعه.
واما الصلة فهي انه إلههم وهم المألوهون ، وهو ربهم وهم مربوبون ، هو خالقهم وهم مخاليق ، هو مالك لهم وهم مماليك ، وهم كلهم سواء في أصل العبودية له والحاجة إليه ، وإنما يتفاضلون في درجات العبودية لا سواها.
(لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) (١٧٢).
واين الاستنكاف وهذه الأناجيل على ما فيها من تحريفات وتجديفات تصرح عشرات المرات أن المسيح عبد لله خالصا مخلصا له الدين (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ) أيا كان مسيحا أو الملائكة المقربين (وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً).
وهنا التعبير عن عيسى ب «المسيح» وتوصيف الملائكة ب «المقربين» تلميح إلى سبب في «لن» استنكافا واستكبارا ، حيث المسيح ممسوح برحمة خاصة من الله والملائكة مقربون بما قربهم الله ، ومن الجهل ذلك التكريم العظيم بالنسبة لمن يستنكف عن عبادة المكرّم ويستكبر!.