لذلك نرى بازغة المائدة الأخيرة أمرا صامدا بالإيفاء بكل العقود.
وبما أن العقد لغويا هو كل جمع وثيق عريق ، مدلولا عليه بلفظ ـ وهو أبسطه ـ أم نية وطوية ، أم عملية ، فقد تحلّق «العقود» ـ جمعا محلىّ باللام ـ مستغرق العقود عموما وإطلاقا ، ولكنها هي التي يتبناها الإيمان بالله قضية خطاب الإيمان.
فالعقود الكافرة والفاسقة المناحرة للإيمان خارجة عن واجب الإيفاء بها ، داخلة في واجب النقض قضية الإيفاء بعقود الإيمان ، الشاملة إيجابياته وسلبياته.
وأما العقود الإنسانية التي لم يحظر عنها في شرعة الإيمان ، وهي ممضيات إذ لم ينه عنها أو أثبتت بضوابط الإيمان ، فهي هيه مأمورة بالإيفاء بها على هوامش العقود التي يتبناها الإيمان صراحا.
ولأن «العقود» على ضوء خطاب الإيمان تعم كلّ ما يسمى عقدا إلّا الّتي يتبنّاها اللّاإيمان ، فقد تشمل ـ على وجه القضايا الحقيقية التي هي من قضايا طليق الإيمان ـ تشمل كل العقود في مثلث الزمان ما صدق عليها العقود ، كما (الَّذِينَ آمَنُوا) تعم مؤمني الطول التاريخي والعرض الجغرافي دون إبقاء ، ولا نجد على الإطلاق ضابطة تعمّ مستغرق العموم والإطلاق كهذه التي تشمل كافة العقود الفطرية والعقلية ، إنسانية وشرعية في كافة الحقول ، ومثل هذه الضابطة هي الحريّة بهذه المائدة التي هي براعة ختام
__________________
ـ منه آيات ، فقد تدعو آية واحدة فيها من مختلف ألوان الدعوة الفطرية والعقلية والعلمية والحسية أنفسيا وسائر الدعوة آفاقيا ، تدعوا بمفردها إلى الحق المرام ما ليس بالإمكان في سائر المؤلفات المرتبة حسب الأبواب والفصول.
كما وأن تكرار مهام الدعوة في كتابها يعني تكرير التذكير ، إضافة إلى أن التكرار له مجال في كل حال ، يستفاد منه معناه الخاص ومبتغاه.