أجل «اعدلوا» ولماذا؟ ل ... ولأنه (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) .. فترى ترك العدل قريب للتقوى حتى يصبح فعله (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)؟.
قد تكون (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) مجاراة مع تاركي العدل ، أنه لو كان ترك العدل قريبا للتقوى وليس به ، فلا ريب أن العدل أقرب للتقوى ، والتقوى سجية عاقلة عادلة لا ينكرها أحد.
أم إن (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) تختص بحقل الشهادة بحق الشائنين بالمؤمنين وعليهم منهم شنآن ، فمهما خيّل إلى المؤمن أن الشهادة بغير حق في حقهم قريب للتقوى نقمة منهم ، ولكن (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى).
فسنة العدالة كأصل في الحياة تقي الإنسان العادل عما لا يصلح أو هو فاسد ، والاعتداء بالمثل في مجالاته المسموحة هو من العدل ، فالعدل ـ إذا ـ طليق يحلق إسلاميا على كافة المجالات والجلوات دونما استثناء.
ووجه ثالث هو أتم وأعم وأوجه أن «التقوى» هي الوقاية عن الشر والضر ، ففي ظرف الشنآن «اعدلوا» في الشهادة و «اعدلوا» في الاعتداء بالمثل ، فهو أقرب للتقوى عن الاعتداء والشنآن حيث يقي العدل ـ لأقل تقدير ـ عن مزيد الاعتداء والشنآن ، أم وينقصهما أو يزيلهما ف (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
ثم في سائر الظروف فالعدل ناجح على أية حال ، فإنه يقي العادل عن كثير من الشر والضر ، ولكن الظلم ـ رغم ما يخيّل إلى الظالمين ـ لا يقي عما يرام من بؤس وتطاول ، وحتى إن وقى فهي وقاية ظاهرة ما دامت القوة القاهرة ، فإذا ذهبت أو قلّت فالانتقام على الدرب أشد مما ظلم.
إذا ف (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) أقرب للوقاية المعنية من خلاف العدل مع عدو أو سواه ، وهنا «للتقوى» دون «إلى التقوى» مما يؤيد هذا الوجه ، ثم :