بالمؤمنين ، ومن مصاديق ذلك اللعن مسخ جماعة منهم قردة خاسئين كأصحاب السبت (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٢ : ٦٥) : ومن (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) (٥ : ٦٠) فالقردة من اليهود والخنازير من النصارى.
ومنها صمّ آذانهم وعمى أبصارهم : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٤٧ : ٢٣) أمّا أشبه من لعن لعنوا به أكثر اليهود وقسم من النصارى بما نقضوا من مواثيق الله.
(وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) لما قست عن ذكر الله والإيفاء بميثاق الله ، فهذه القسوة الربانية المسيّرة هي ختم على قلوبهم بقسوتها المخيّرة ، فلا يصح تأويل (جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) ب : أخبرنا بقساوة قلوبهم ، فإن عبارته الصالحة نفس عبارته ، دون «جعلنا» الذي يعبر عن جعل رباني بقساوة القلوب ، زيغا بزيغ : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ، ومن قضايا هذه القساوة المزدوجة : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) ولا سيما كلم البشارات المحمدية تحريفا لها لفظيا بكل أبعاده ، ومعنويا قصدا إلى تجميدها عن دلالتها على الرسول محمد (ص) ، فالمواضع اللفظية والمعنوية هي مجالات مختلف التحريفات والتجديفات الإسرائيلية ، يعيشونها طوال تاريخهم النحس النجس.
(وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) ومما ذكروا به ذكرى الرسالة المحمدية (ص) وهي لهم حظوة أمام المشركين حيث كانوا يستفتحون عليهم ، وحظوة لهم فإن فيها تكملة الرسالة الإسرائيلية ، فقد نسوا ذلك الحظ الرفيع الحظيظ حيث نزلوه إلى الحضيض. (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى) عملية أو قولة أو طوية ونية (خائِنَةٍ مِنْهُمْ) بحق الحق في شرعة الله ، فلهم مواقف خيانية متواترة لا تزال ، أم «خائنة» مبالغة خائن : كثير الخيانة.
فرغم أن الدولة الإسلامية مكّنت لهم الحياة الرغيدة ، لكنهم كانوا في المدينة ـ ولا يزالون ـ عقارب وحيات وثعالب وذئبانا تضمر دوما كل كيد