وخيانة ، فإن أعوزتهم القدرة على التنكيل الظاهر بالمسلمين نصبوا لهم الشباك وأقاموا لهم المصائد وتآمروا عليهم مع كل عدو لهم شرس.
وقد تتحمل (خائِنَةٍ مِنْهُمْ) احتمالات عدة كالتالية :
تقديرا لموصوف بإثبات الصفة المعرّفة به ، كالفعلة الخائنة والنية الخائنة والقولة الخائنة والنظرة الخائنة وكل محاولة خائنة يجملها النص بحذف الموصوف وإثبات الصفة ، مما تجعلهم كأنهم في كيانهم «خائنة». أم إن «خائنة» مبالغة في الخيانة للموصوف الأول ، أو الثلاثة الأخرى ، والجمع أجمل ، فإن خيانتهم في نقض الميثاق مبالغة ، ودون اختصاص بناحية دون أخرى ، فإنهم «خائنة» بكل كيانهم!.
(إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) الثابتين على ميثاق الله (فَاعْفُ عَنْهُمْ) لا عفوا عن بكرته حيث لا يعفى عن هذه الخيانات في شرعة الله ، فالعفو عنها خيانة بشرعة الله ، ثم ليس العفو عن العصيان أيا كان بيد الرسول (ص) إلّا ما كان ظلما بحقه شخصيا وبشروطه ، وأما الظلم رسوليا ورساليا فليس للرسول أن يعفو عنه لأنه حق جماهيري لا يختص بمحمد (ص) بل هو حق الرسول والرسالة الربانية الذي لا يعفى عنه.
إنما (فَاعْفُ عَنْهُمْ) عفوا ظاهرا ألا تجابههم بقسوة متجاهرة عاجلة ، نظرة المجابهة الآجلة أم توبة لهم نصوحا ، وذلك العفو المؤقت لامح في آيات ك (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) (٤٢ : ٣٤) حيث يعف عن كثير وجاه الإيباق بما كسبوا ليس إلّا تأجيلا لكثير بعد تعجيل القليل.
(فَاعْفُ عَنْهُمْ) هكذا «واصفح» عنهم كأنك لم ترهم ولم تسمعهم ما نقضوا من ميثاقهم (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
وترى العفو هنا والصفح عن هؤلاء الخونة إحسان؟ وهما إساءة بحق الحق! إنه إحسان بحقهم إمهالا لهم علّهم يثوبون ، ولا سيما حين يرون ألا