فكما أن لحالة الإحرام حرمات ، كذلك ـ وبأحرى ـ للحرم حرماته ، بل وقد تكون حرمات الحرم هي ـ كأصل ـ لحرمة الإحرام ، إذ لا إحرام دون دخول في الحرم ، وقد يكون الداخل في الحرم غير محرم.
إذا فطليق التحريم ـ إحراما وداخل الحرم ـ هو الصحيح وكما في الصحيح «ولا أنت حلال في الحرم» (١).
فصيد المحرم في الحرم فيه مضاعفة الحرمة ، ثم صيد المحرم في الحل وصيد الحلال في الحرم كل منهما محرم في بعد واحد.
وهكذا نرى محرّم الصيد بين محرمات الإحرام ـ وهي زهاء ثلاثين ـ يحتل الموقع الأعلى من التحريم ، تحمله آيات أربع من الذكر الحكيم على سبيل التفصيل ، في حين لا تحمل كلّ محرمات الإحرام إلّا آية واحدة على سبيل الإجمال : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) (٢ : ١٩٧).
ذلك! رغم قلة الصيد (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ظرفا وموقعا ، حيث المحرم ولا سيما في الحرم منشغل عن مثل الصيد من أشغال تحتاج إلى فراغ بال ونزوة حال ، فهنا يقال له : أيها الصيد في نفسك ونفسياتك لرب العالمين ، المحرم وفي حرم الله ، كيف تفتكر في صيد وأنت نفسك من الصيد ، أنت لبيّت دعوة ربك فدخلت مدخل زيارته وهو مدرسة الإحرام ، وطبيعة حال الإحرام ولا سيما في الحرم أن تحرّم على نفسك نزواتها ، وكثيرا من حظواتها ، حيث الإحرام تجرّد عن أسباب الحياة المألوفة وأساليبها المعروفة اتجاها إلى الله في بيت الله ، فلتكفّ عن أيّ تعرض لأي حي من الأحياء في حرم الله
__________________
(١) هو صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : «لا تستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام ولا أنت حلال في الحرم ولا تدلن عليه محلا ولا محرما فيصطاده ولا تشر إليه فيستحل من أجلك فإن فيه الفداء لمن تعمده» (الكافي ٤ : ١٣٨١).