أموال الناس دون خلسة ولا قوة وإنما بحيلة كيفما كانت ، فلا يحكم على آكل أموال الناس بسائر الباطل بميسر أو ربا بأنه سارق ، نعم الذي يبخس في المكيال هو من السارقين حيث يأخذ المال بصورة خفية ، إلّا أن يقال يشترط في السرقة كون المال وأخذه في خفاء ، والباخس في المكيال يأخذ المال الجاهر في خفاء ، ولذلك أفرد له عنوان آخر هو التطفيف أو بخس المكيال.
فلأن أشرّ ألوان التجاوز إلى أموال الناس أن تكون مستورة مخبوءة فتؤخذ في سرّ أكلا بالباطل ، بصورة باطلة في بعدين ، سرا في أخذه وسرا في المال ، فهو مثلث من الجريمة.
وليس هكذا ما يؤكل باطلا علانية ودون قوة كالربا ، أم سرا والمال جاهر كالبخس ، وعلى أية حال فأكل الأموال بالباطل محرم في شرعة الله مطلقا ، سواء أكان بقوة أم حيلة سرا أو جهرا ، أخذا سريا أو جهريا (١).
والمخابئ تختلف حسب اختلاف الأموال فمخبأ الحيوان الإسطبلات ومخبأ الجواهر الصناديق أو المحافظ المتعودة الأخرى.
ولأن السنة المستمرة المحمدية (ص) تقول كلمة واحد أن قطع الأيدي يحض سرقة المال ، في سرها وسره ، فليتقيد إطلاق «السارق والسارق» بسرقة المال ، أو يقال إن حدّ سرقة المال يجري ـ بأحرى ـ في سرقة النفس ، والسنة جارية في الأكثرية المطلقة من السرقة ، فحين يسرق عبد أو أمة يجرى حد سرقة المال دونما خلاف ، فكيف لا يجري في الحر والحرة وهما أمول من كل الأموال! وسارق الأنفس أخطر على البيئة المؤمنة من سارق المال.
إلّا أن يقال إن الإنسان أيا كان ليس في مخبأ حتى يسرق ـ إذا ـ فله
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٥٠٣ عن أبي بعير عن أحدهما (ع) قال سمعته يقول قال أمير المؤمنين (ع) لا أقطع في الدغارة المعلنة وهي الخلسة ولكن أعزره.