حكم آخر غير حكم سرقة المال ، وقد يقال : مخبأ الإنسان بيته أو بيئته التي يعيش فيها ، فإذا اختلس عن مخبئه ومأمنه فقد سرق ، وأقل ما يجري عليه منه الحد حد سارق المال (١).
أم إن قطع أيدي سراق النفوس أن تقطع أيديهم وذرائعهم إلى سرقتها سجنا أو نفيا أمّاذا ، توسعة في الأيدي ، وقد توسع الأيدي إلى كل الوسائل للسرقة من قلم أو بصر أو شمّ وأضرابها ، فالسارق بقلمه يختلس من الكاتب كتابته جهارا.
أو يقال : كل سارق يؤدّب حسب جريمته ، ولكن سارق المال بحدودها تقطع يده ، والآية لا تقيد «السارق» بالمال وإنما الذي سرق أيا كان سرقته؟.
فلكل جانحة وجارحة استراق كاستراق العين الذي يعبر منه بخائنة الأعين : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) واستراق السمع : (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) واستراق الجسد كان يلمس غير ذات محرم خلسة ، واستراق الجنس كان يزني بذات بعل خفية ، واستراق الأكل كأن يأكل زيادة عن حدّه خلسة ، واستراق الكلام كأن يأخذ إقرارا منه عنهم خلسة ، واستراق العلم كان ينقل عن غيره دون أن ينسبه إليه ، كل ذلك
__________________
(١) في سارق الإنسان : الوسائل ١٨ : ٥١٤ عن طريف بن سنان الثوري قال سألت جعفر بن محمد (ع) عن رجل سرق حرة فباعها قال : فيها أربعة حدود أما أولها فسارق تقطع يده ، والثانية إن كان وطأها جلّد الحد وعلى الذي اشترى إن كان وطأها وإن كان محصنا رجم وإن كان غير محصن جلد الحد وإن كان لا يعلم فلا شيء عليه وعليها هي إن كان استكرهها فلا شيء عليها وإن كانت أطاعته جلدت الحد.
وفيه عنه أبي عبد الله (ع) أن أمير المؤمنين (ع) أتي برجل قد باع حرا فقطع يده وفيه عن عبد الله بن طلحة قال سألت أبا عبد الله (ع) عنه الرجل يبيع الرجل وهما حران يبيع هذا هذا وهذا هذا ويفران من بلد إلى بلد يبيعان أنفسهما ويفران بأموال الناس قال : تقطع أيديهما لأنهما سارق أنفسهما وأموال الناس.
أقول : فالسارق نفسه والسارق انفس الناس والسارق أموال الناس تقطع يده.