ثم المناسبة بين الحكم : «فاقطعوا» والموضوع : «أيديهما» وعلة القطع : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) بعلة السرقة ، كل ذلك تحكم أن مورد القطع هي الأصابع فقط ، فإن بهما السرقة ، ولولاها لا يستطيع السارق أن يسرق شيئا إلّا بأمره ، وليس الأمر بالسرقة محكوما بحكمها.
وهذه الحكم الثلاث تتأيد بمتواتر الروايات عن الرسول الله (ص) والأئمة من عترته عليهم السلام كما وهي تؤيدها ، تجاوبا مربعا تفسّر به آية السرقة وما أجمعه وأجمله!.
فلا تقطع إلّا أصابع ، وهي من اليمنى لأنها هي السارقة في الأكثرية المطلقة (١) ، وقد تنصرف اليد عند إطلاقها إليها ، ويترك الإبهام والراحة فإنهما من مواضع الوضوء ووسائله(٢).
وقد يستثني (جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ) السارق لعذر فيما يضطر إليه حين يدور الأمر بين الحفاظ على النفس والحفاظ على أموال الآخرين غير المضطرين إليها.
__________________
ـ (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) وما كان لله لم يقطع ، قال : فأعجب المعتصم ذلك فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف ـ الحديث.
(١) الوسائل ١٨ : ٤٩١ عن أمير المؤمنين (ع) أنه كان إذا قطع السارق ترك الإبهام والراحة فقيل له يا أمير المؤمنين تركت عليه يده؟ فقال لهم : فإن تاب فبأي شيء يتوضأ؟ لأن الله يقول : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ـ إلى قوله ـ : (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وفي الكافي عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ...) وقال: (فَاغْسِلُوا .. إِلَى الْمَرافِقِ) قال : فأمسح على كفيك من حيث موضع القطع وقال : وما كان ربك نسيا.
(٢) الوسائل ١٨ : ٤٨١ من الرضا (ع) فيما كتب إليه من العلل وعلة قطع اليمين من السارق لأنه يباشر الأشياء غالبا بيمينه وهي أفضل أعضائه وأنفعها له فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق لئلا يبتغوا أخذ الأموال من غير حلها ولأنه أكثر ما يباشر السرقة بيمينه ...