الأشياء بيمينه وهي أفضل أعضاءه وأنفعها له ، فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق لئلا يبتغوا أخذ الأموال من غير حلها ، ولأنه أكثر ما يباشر السرقة بيمينه» (١).
وهل السارق التائب عن سرقته يحدّ كغير التائب؟ قد يقال : نعم قضية السرقة ، فنحن مع حرفية النص ندور معها حيثما دار.
ولكنه لا حيث الجزاء والنكال ليسا إلا ردعا عن الذنب ، والتائب عن الذنب كمن لا ذنب له ، فإنه مرتدع قبل نكال وقبل قبضه (٢) ثم :
(فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٩).
__________________
(١) نور الثقلين : ٦٢٧ في عيون الأخبار في باب ما كتب به الرضا (ع) إلى محمد بن سنان في جواب مسائله : ... وفيه عن أبي هلال عن الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت له أخبرني عن السارق لم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ولا تقطع يده اليمنى ورجله اليمنى؟ فقال : ما أحسن ما سألت ، إذا قطعت يده اليمنى ورجله اليمنى سقط على جانبه الأيسر ولم يقدر على القيام فإذا قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائما ، قلت له : جعلت فداك وكيف يقوم وقد قطعت رجله؟ قال : إن القطع ليس حيث رأيت يقطع ، إنما يقطع الرجل من الكعب ويترك له من قدمه ما يقوم عليه ويصلي ويعبد الله ، قلت : من أين يقطع اليد؟ قال : يقطع الأربع الأصابع وتترك الإبهام يعتمد عليها في الصلاة ويغسل بها وجهه للصلاة ، قلت : فهذا القطع من أوّل من قطع؟ قال : قد كان عثمان بن عفان حسّن ذلك لمعاوية.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٢٨ ـ أخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريح عن عمرو بن شعيب قال : أوّل حد أقيم في الإسلام لرجل أتي به رسول الله (ص) فشهدوا عليه فأمر النبي (ص) أن يقطع فلما حف الرجل نظر إلى وجه رسول الله (ص) كأنما سفى فيه الرماد فقالوا يا رسول الله (ص) كأنه اشتد عليك قطع هذا؟ قال : وما يمنعني وأنتم أعون للشيطان على أخيكم ، قالوا فأرسله ، قال فهلا قبل أن تأتوني به إن الإمام إذا أتي بحد لم يسغ له أن يعطله.