النبي (ص): «المائدة من آخر القرآن تنزيلا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها» (١).
وهذه عناية للإبقاء على حلالها وحرامها بلا نظرة نسخ أو تحوير خلاف ما كانت في سائر الوحي ـ أحيانا مهما قلت ـ في أية صورة من صور النسخ ، استئصالا لحكم عن بكرته ، أم توسعة أو تضييقا ، حيث الثلاثة كلها نسخ لغويا وفي اصطلاح الكتاب والسنة.
إذا فهي ناسخة غير منسوخة على الإطلاق ، ضابطة ثابتة أنها لم تقيّد أو تخصص أو تبدّل في حكم عن بكرته ، وذلك المثلث هو المعني من النسخ في منطق السنة سلبا وإيجابا ، ذلك ، وإذا شك في آية منها أو آيات أنها نازلة
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٥٢ ، أخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس قالا قال رسول الله (ص): المائدة .. أقول : تجد هذا المضمون في كتب الشيعة كتفسير العياشي ١ : ٢٨٨ و ٣٠١ والبحار ٩ : ٦٩ والبرهان ١ : ٤٣٠ و ٤٥٢ والصافي ١٢٣ ومجمع البيان ٣ : ١٠٥ والوسائل الباب ٣٨ من أبواب الوضوء ٦١ وجامع أحاديث الشيعة ١١٧ ، وفي كتب إخواننا السنة إضافة إلى ما تقدم في فتح القدير ٣ : ٢ وتفسير ابن كثير ٣ : ٢ وتفسير الخازن ١ : ٤٢٣ والمنار ٦ : ١١٦ وتفسير القرطبي ٦ : ٣٠ ـ ٣١ والإتقان ١ : ٢٧ النوع الثامن ومناهل العرفان ١ : ٩٢ والناسخ والمنسوخ للنحاس ١١٦ وأكثر أحاديثهم موقوفة على الصحابة ومن بعدهم إلا أن في فتح القدير حديث مرفوع إلى النبي (ص) قال : المائدة من آخر القرآن تنزيلا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها ، وكذا في القرطبي أن النبي (ص) بعد أن قرأ سورة المائدة في حجة الوداع قال : يا أيها الناس إن سورة المائدة آخر ما نزل فأحلوا حلالها وحرموا حرامها ، ونظيره في تفسير الخازن مرفوعا عن النبي (ص) وقد أخرج الحاكم في المستدرك ٣ : ٣١١ وصححه الترمذي في كتاب التفسير تفسير سورة المائدة الحديث ٢٣ عن عائشة أنها آخر سورة نزلت فما وجدتم من حلال فاستحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه ، وفي تفسير الفخر الرازي ١١ : ١٦٣ واجمع المفسرون أن هذه السورة لا منسوخ فيها البتة إلا قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) ومثله في تفسير الطبري ٦ : ٦٠ ومثله في القرطبي قال الشعبي ، أقول : ولم تنسخ (لا تُحِلُّوا) بآية القتال فإنها تسمح للدفاع وليس هو إحلالا للشهر الحرام ، وفي الناسخ والمنسوخ عن أبي ميسرة : لم ينسخ من المائدة بشيء.