(عليه السلام) قوله في قصة المبيت : فأسرعت إلى ذلك مطيعا له مسرورا فالكتاب والسنة ـ كلمة واحدة ـ متجاوبان في أفضلية الموقف المشرّف لمبيت الإمام علي (عليه السلام) على موقف أبي بكر في الغار ، حيث المدار ليس هو الصحبة في المكان ، إنما هو التضحية في الحفاظ على الصاحب (١).
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(٣١).
هنا (قَدْ سَمِعْنا) تعني سمع الأذن دون القبول بسمع القلوب والعقول ـ رغم ما حققوه ب «قد» كأنهم واعون ما سمعوا ـ إنما هو سماع للهزء بما يسمعون كذريعة لقيلتهم الغيلة : «لو نشاء» ولحصرهم آيات الله المتلوة عليهم بأساطير الأولين ، وترفّعهم ـ بزعمهم ـ عن الأساطير ، يحيلون على أنفسهم أن يقولوا مثل هذا زغم إمكانيتهم ذاتيا لقوله كما يتقولون (٢) وكأنهم يترفعون أن يعارضوا هذه الأساطير بأساطير أمثالها إذ لا يعتبرونها مما يعارض لضالتها ، وبعدهم عن الأساطير!
__________________
ـ وامتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم (عليه السلام) والذبيح إسماعيل (عليه السلام) فصبر صبرا فإن رحمة الله قريب من المحسنين ، ثم ضمه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إلى صدره وبكى إليه وجدا به وبكى عليّ (عليه السلام) جشعا لفراق رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) واستتبع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أبا بكر وهند بن أبي هالة.
(١) المصدر ٥٥ ما جماعة عن أبي المفضل معنعنا عن مجاهد قال : فخرت عائشة بأبيها ومكانه مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الغار فقال عبد الله بن شداد بن الهاد : وأين أنت من علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث قام في مكانه وهو يرى أنه يقتل؟ فسكتت ولم تحر جوابا.
(٢) في الدر المنثور ٣ : ١٨٠ عن السدي قال : كان النضر بن الحارث يختلف إلى الحيرة فيسمع سجع أهلها وكلامهم فلما قدم إلى مكة سمع كلام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والقرآن فقال : قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين ، وفيه عن سعيد بن جبير قال : قتل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر صبرا عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وكان المقداد أسر النضر فلما أمر بقتله قال المقداد يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : أسيري فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : كان يقول في كتاب الله ما يقول ، قال : وفيه أنزلت هذه الآية.