حينذاك ـ مع ظاهرة التوبة ، لم يك يعرف منه صالح التوبة ، فقد يكون نفاقا أم وفاقا غير صالح.
إذا فالأشبه أن ترك الصلاة والزكوة دون هذه الملابسات التي تدل على نكرانهما لا يبرّر قتل تاركهما على أية حال ، وما يروى من قتال تاركي الصلاة والزكاة محمول على مواضع النكران لهما ، دون تركهما على إيمان وتصديق تساهلا فيهما وتكاهلا.
ذلك ، ثم المشركون الأفراد الذين لا يجمعهم تجمع جاهلي تصديا للإسلام وتعرضا بأهله قتلا أم إضلالا ، لا يتصدى لهم الإسلام حرب إبادة ، بل ويكفل لهم الأمن ترغيبا لهم ليسمعوا كلام الله ثم يبلغوا مأمنهم تروّيا يمنعهم عن التردي ، وكما يأمر الله سبحانه رسوله بمثل الأمر التالي :
(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ)(٦).
هنا استجارة المشرك المرفوع عنه الأمان عند الملاحقة للقتال هي موضوع لواجب الإجارة ، لا فحسب ، بل و (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) حيث الاستجارة قد تلمح بأنه متجرّ عن الحق المرام ، ولا فحسب أيضا بل (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) عند أهليه وربعه ، وطبعا في غير المعسكر المعادي فإنه ليس مأمنا ، و «ذلك» المثلث من الرحمة الرحيمة للمشركين المستجيرين (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) فعن جهل هم مشركون وان كان جهلا مقصّرا ، والجهل القاصر المطلق لا يتصور في الإشراك بالله ولذلك (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٤ : ٤٨) ثم الجهالة العامدة ممن (جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) غير مغفور هناك ولا معذور هنا فلا يشمله «استجارك» حيث الإجارة هنا إجارة لعاند عامد لا يرجى منه خير ، اللهم إلّا إذا احتمل خيره أم ـ ولأقل تقدير ـ دفع شره ، فهو أيضا داخل في الإجارة.
وحين تجب إجارة أحد من المشركين عند استجارته ، فبأحرى استجارة المجموعة الشركية ، ولأن «استجارك» طليقة ، فكذلك «أجره