في الحق نكرانا له ، والمحبورة هي المجادلة تصديقا إياه.
والمجادلة في الحق بعد التبين أشد حظرا منها بغير علم كما (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) ومن ثم بغير علم : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) (٣ : ٦٦) وأنحس منهما المجادلة لدحض الحق : (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) (١٨ : ٥٦).
وكما للمجادلة المحظورة دركات ، كذلك للمحبورة درجات أحسنها أحسنها : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١٦ : ١٢٥) وطالما الجدال نوعان ، لكنما المراء محرم على أية حال (١).
(كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ)! «فإن الموت هادم لذاتكم ، ومكدر شهواتكم ، ومباعد طياتكم ، زائر غير محبوب ، وقرن غير مغلوب ، وواتر غير مطلوب ، قد أعلقتكم حبائله ، وتكفتكم غوائله ، وأقصدتكم معابله ، وعظمت فيكم سطوته ، وتتابعت عليكم عدوته ، وقلت عنكم نبوته ، فيوشك أن تغشاكم دواجي ظلله ، واحتدام علله ، وحنادس غمراته ، وغواشي سكراته ، وأليم إزهاقه ، ودجو إطباقه ، وجشوبة مذاقه ، فكان قد أتاكم بغتة فأسكت نجيكم ، وفرق نديكم ، وعفى آثاركم ، وعطل دياركم ، وبعث وراثكم يقتسمون تراثكم ، بين حميم خاص لم ينفع ، وقريب محزون لم يمنع ، وآخر شامت لم يجزع» (الخطبة ٢٢١).
(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ)(٧).
«الطائفتين» هنا هما العير والنفير (٢) عير كبير من الشام إلى مكة
__________________
ـ ضل قوم بعد هدي إلا أوتوا الجدل عن مس ـ ك ٤٣ ح ١٣٠ و ١٣١ حم ـ خامس ص ٢٥٢ و ٢٥٦.
(١). وعن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة وأنس قالوا : خرج علينا رسول الله (صلّى الله عليه ـ