والمخلوق ، وهذا من أسس القول بوحدة حقيقة الوجود وإنما الاختلاف بالمراتب.
ومنها أن الواحد لا يصد منه إلا واحد ، فليس معلول الله عندهم إلّا واحد هو العقل الأوّل ، ثم هو الخالق لسائر الخلق ، ووحدة العقل الأول قضية وحدة العلة الأولى ، هي وهدة في خلق سائر الخلق كوهدته تعالى عندهم عن خلق سائر الخلق.
هذه وما أشبه خلطا بين الخالق والعلة مما أهواهم في هوّات جارفة ، مما جعل الفلسفة الإلهية إلحادية أو إشراكية لا تشبه تصريحات الكتاب والسنة ، وكما تجد المفاصلة التامة بينهما بطيات الآيات في حقول معرفة الله في هذا الفرقان.
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(١٧٦).
هنا عرض وجيز عن (الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) وهو منقطع النظير في القرآن كله ، وقد ورد في مسرحه روايات متهافتة تحمل في الأكثر خرافات غريبة : ـ شرقية أو غربية ـ تفرض علينا تعمقا أنيقا في نص الآية ليسهل لنا الرد والقبول والله المستعان.
ترى من هو صاحب المسرح؟ وما هي الآيات التي أوتيها؟ وكيف انسلخ منها؟ ولا تؤتى الآيات المعجزات إلّا أهلوها الصالحون لها! (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
إنه حسب روايات عدة «بلعم بن باعورا من بني إسرائيل» أم سواه (١) ولم يكن نبيا ولا وصيا خلاف ما قد يروى ، حيث العصمة
__________________
(١) بحار الأنوار ١٣ : ٣٧٧ عن تفسير القمي حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الرضا (عليه السلام) أنه أعطي بلعم بن باعورا الاسم الأعظم وكان يدعو به فيستجيب له ، ـ