ذلك المنطق العلمي الرسمي كمقدمة ضرورية لهذه الفلسفة ، فضلا عن نفسها التي فيها مغالطات ومخالطات ، ولا بد للسالك إلى الله من زاد معصوم وراحلة معصومة لكي تكون عاصمة ، وليست إلّا راحلة العقل السليم بزاد الفطرة السليمة ، استضاءة من الشرعة الربانية ، دون أية حاجة للورود في لجج المنطقيات والفلسفيات والعرفانيات المصطلحة الحائدة عن الصراط المستقيم والطريق القويم.
هذا! ف :
نهاية أقدام العقول عقال |
|
وأكثر سعي العالمين ضلال |
وكم قد رأينا من رجال ودولة |
|
فبادوا جميعا مسرعين وزالوا |
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا |
|
سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا (١) |
فمن أسس الفلسفة تلازم العلة والمعلول ، ولأنهم يعتبرون الله علة يقولون بأزلية وأبدية الخلق لكونه معلولا له تعالى ، والعلة هي والدة المعلول ، والله سبحانه لم يلد ولم يولد ، فهو خالق بالإرادة وليس والدا دون إرادة كما هو قضية العلية المصطلحة.
ومنها مسانخة العلة والمعلول ، إذا فهناك مسانخة ذاتية بين الخالق
__________________
ـ هو الذي يكون علة لوجود رابط الأكبر في العقل فقط ، وأما الصدر فقد ذهب إلى أن برهان اللم ما كان الأوسط فيه علة للوجود والمحمول الذي للأكبر ولوجوده الرابط كليهما في العقل والخارج كليهما أيضا ، وبرهان الإنّ ما كان الأوسط فيه علة لوجوده الرابط فقط في الخارج والعقل كليهما. ولهذا يختلط الأمر على هذين المذهبين كمال الاختلاط ، إذ يكون أغلب البراهين اللّمية على المذهب الأوّل إنية على المذهب الثاني ، وأنت تعلم أن طرفي الاختلاف في هذه المسألة من فحول الحكمة والمنطق وأساطينهما.
وحيث إن أعداد الاختلافات المذكورة بلغت إلى عدد «الله» أي : ست وستين ، وقد ورد في الحديث: «إذا بلغ الكلام إلى الله فانصتوا» ننصت ونسكت ونرجع إلى ما كنا من موهنات مسلك الفلاسفة.
(١) ينسب المبيدي شارح هداية المفضل الأبهري في شرحه على الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى فخر الدين الرازي هذه الأشعار.