«سورة الأنفال» سمّيت بها حيث (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) وإنها هي الوحيدة في القرآن حول الأنفال ، ما تختص بالقيادة الإسلامية السامية ، وليست لتختص بأشخاص خصوص حكومة أو شعبا ، إنما هي لصالح الحكم الإسلامي حيث تصرف في المصالح العامة الراجعة ـ ككل ـ إلى الكتلة المؤمنة.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١).
هنا «يسألونك» مضارعة ، دون «سألوك» ماضية ، مما تلمح لاستمرارية السؤال عن الأنفال ، منذ السؤال الأول حتى يوم الدين ، والجواب : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) إجابة وافية للمتساءلين حوله إلى يوم الدين.
فالضرائب المستقيمة الإسلامية حسب القرآن هي أربع : هنا الأنفال فقط (لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) صرفا في الدعاية التوحيدية والرسولية ، وتحكيما لعراهما ، ثم الفيء الذي عديد مستحقيه هو كعديد مستحقي الخمس ـ إن كان الخمس حقا سوى الزكاة ـ : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٥٩ : ٧).
فمقسم الفيء والخمس هو الستة ، ومقسم الأنفال اثنان ، ثم مقسم الزكاة ثمانية ، ولا اشتراك بينها وبين ست الخمس إلا في المساكين وابن السبيل ، فتبقى ستة من مقسم الزكاة غير مذكورة في مقسم الخمس ، كما أن أربعة من مقسم الخمس غير مذكورة في الزكاة ، أم إن الخمس ضريبة أخيرة من أنصبة الزكاة نسختها وكما يأتي تفصيله في آية الخمس.
فعلى أية حال قد تختلف الأنفال عن سائر الضرائب مصرفا وعديدا ،