ذلك «إن ينتهوا» دون عود (وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ) في العائدين إلى كفرهم (سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) فإنه ارتداد جاهر عن الدين ، وله حكمه كما تقتضيه الحكمة العادلة الربانية.
ذلك ، فعلى سواء أن يكون لحديث «الإسلام يجب ما قبله» سند صالح أم لا ، حيث يؤخذ منه ما يوافق الآية ولأن أصل الجبّ هو احتزال السنام من أصله فكأنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) جعل الإسلام مستأصلا لكل ذنب تقدم الإنسان قبله حتى لا يدع له جناية يحذر عاقبتها ، ولا معرّة يسوء الحديث عنها ، بل تعفى على ما تقدم من السوءات ، وتحثوا على ما ظهر من العورات ، اللهم إلّا ما يحتاج العفو عنه إلى مكفر زائد.
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٣٩).
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (٢ : ١٩٣).
إن القتال الإسلامي لا ينحو منحى تفتّح البلاد توسعيا قضية القدرة الغالبة ، والزهوة المتآلبة ، بل هو ـ فقط ـ دفاع سلبا لأيّة «فتنة» فإيجابا ل (الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) فلا يهدف ـ إذا ـ إلا تحقيق كلمة (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ).
ولأن «الفتنة» هي (أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) (٢ : ٢١٧) و (أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) (٢ : ١٩١) فهي بأحرى منه سماحا وفرضا للقتال دفاعا عن الفتنة إذا كانت فتنة عن الدين بمختلف حلقاته وحقوله.
ولا تعني «قاتلوهم» مقاتلين خصوصا في زمان أو مكان خاص إذ لا يمكن إزالة الفتنة ككل وإيجاب الدين كله لله لجماعة خاصة من المسلمين ، اللهم إلّا ما سوف يحصل بقوات صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وأمر القتال هنا أمر الحال وان شمل المستقبل ، دون اختصاص بالاستقبال.
إذا فذلك أمر باستمرارية القتال على مدار الزمن الإسلامي كسياسة