أفعال مستقبلة! لا تناسب خصوص أبوينا الأولين ، فلو كانا هما المقصودين لكان حق النص التثنية الماضية ، لا سيما وأن الحق في اجتثاث جذور الوثنية عن بكرتها منذ بزوغها أن يركز على أول المشركين ، فلو كان أبوانا هما اللذان أشركا بالله قبل كل المشركين! لكان الحق تركيز الضمائر في ذلك التنديد المديد عليهما ، دون أولادهما اللذين لم يولدوا بعد والذي ولد لمّا يبلغ الحلم حتى يكلّف فيندّد بشركه.
ذلك خلاف ما يروى أنه بعد مرات عدة لم تكن زوجه موفقة حيث ولدت ناقصا لا يعيش (١)! فإنها من الإسرائيليات المسيحية والمسيحيات الإسرائيلية التي تلقي كل عصان على آدم وزوجه ، وهنا «مرت به» أي الحمل ، هو المرور كعادة بلا ثقل حيث لا تحس ذلك الحمل.
فالعلاقة الأولية بين الزوج ومسكنه هي التغشي حبا وشهوة وإنجابا للمماثل ، والتغشي هو أحسن تعبير عن ذلك اللقاء اللقاح حيث يغشى كيانها ككل فتحشر فيه بكلها روحا وجسما ، فهو التقاء روحين بجسدين وجسدين بروحين ، كما الزواج هو الالتقاء المثنّى وأهمها الروح إذ هو الذي يدرك المسكن ، وهذه صورة إنسانية في تلك المباشرة بعيدة عن الحيوانية الخالصة الكالسة الفالسة ، قريبة إلى الإنسانية الصالحة ، إنجابا لصالح.
(فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) بحملها (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) الذي رباهما وحملها (لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً) يصلح للحياة الإنسانية (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) المخلصين لك الدين.
فقد تبين الحمل وتعلقت به قلوبهما وجاء دور الأطماع فيه ، المختصرة في صيغة (صالحا) وهو الصلاح الظاهر عند الولادة لمكان (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) حيث الصلاح الظاهر عند الولادة ليس إلا الظاهر في
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٥١ عن سمرة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره.