الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ)(١٢).
هنا نكث اليمين والطعن في الدين يردفان عطفا مما يدل على أن ذلك العهد المؤكد باليمين كان على المحايدة تجاه الدين ، ألا يحاربوا المؤمنين في الدين ، ولا يطعنوا طعنة أخرى في الدين كالدعاية ضده أو مظاهرة عدو على المؤمنين ، فعند نكثهم وطعنهم (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) الناكثين الطاعنين ، (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) قاتلوهم (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) عن كفرهم ، أم ـ لأقل تقدير ـ عن نكثهم وطعنهم.
وهنا تبرز من ملامح الحرب الإسلامية أنها فقط حرب دفاعية أمام الهجمة الكافرة على نفوس المؤمنين أم على عقائدهم وسائر نواميسهم ، فحين ينتهون عن الطعن في الدين فلا قتال ، كما لا قتال حين لا يقاتلونكم.
ولأن الأصل في نكث اليمين والطعن في الدين بين جموع الكافرين ، هو من أئمة الكفر دون المأمومين لهم ، لذلك (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) وطبعا بمن يساندهم من هؤلاء الأتباع الأغباش (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) والقصد الأصيل في ذلك القتال ليس هو الانتقام ، بل الانتهاء عن النكث والطعن في الدين ، ثم علياه هي الانتهاء عن الكفر.
وقد تشمل (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) ـ جريا ـ كل من يحمل راية الضلالة والمتاهة كأصحاب الجمل ومن أشبه حيث يشكّلون على الإسلام خطرا علّه أخطر ممن سواهم من الكفار الرسميين (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٨٨ في قرب الإسناد للحميري عن حنان بن سدير قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزبير فقلت لهم : كانوا من أئمة الكفر ، إن عليا (عليه السلام) يوم البصرة لما صف الجمل قال لأصحابه لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني وبين الله وبينهم فقام إليهم فقال : يا أهل البصرة هل تجدون علي جورا في حكم؟ قالوا : لا ، قال : فحيفا في قسم؟ قالوا : لا ، قال : فرغبة في دنيا أخذتها لي ولأهل بيتي دونكم فنقمتم علي فنكثتم بيعتي؟ قالوا : لا ، قال : فأقمت فيكم الحدود وعطلتها في غيركم؟ قالوا : لا ، قال :