ذلك ، ففرض قتال أئمة الكفر طليق على أية حال ، فإنهم بطبيعة حالهم الشريرة يؤمّون الكفر بكل بنوده السلبية للإيمان والإيجابية لنفسه ، قتلا للأنفس وطعنا في الدين بكل ما يملكونه أو يمّلكون من طاقات وإمكانيات في مؤاتية المجالات.
فالقادة الأئمة هم بين أئمة الإيمان وأئمة الكفر ، فلا بد لأئمة الإيمان بربعهم أن يقاتلوا أئمة الكفر بربعه : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٢ : ٢٥١) ف (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) هنا ظاهرة بديل ضمير : «فقاتلوهم» عبارة قاصدة لموضوعية إمامة الكفر لفرض القتال مهما لم يكن نكث لأيمان وسواها.
وهنا (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) تعني ـ لأقل تقدير ـ الانتهاء عن إمامة الكفر
__________________
ـ فما بال بيعتي تنكث وبيعة غيري لا تنكث ، إني ضربت الأمر أنفه وعينه فلم أجد إلا الكفر أو السيف ، ثم ثنى إلى أصحابه فقال : إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : والذي فلق الحبة وبرء النسمة واصطفى محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة إنهم لأصحاب هذه الآية وما قوتلوا منذ نزلت ، ورواه العياشي عن حنان بن سدير عنه (عليه السلام) أقول : مغتصبو الخلافة هم من أهل هذه الآية ولكن الملابسات منعت الإمام عن القيام بالسيف أمامهم. وفي أمالي المفيد باسناده عن أبي عثمان مؤذن بني قصي قال سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين خرج طلحة والزبير على قتاله : عذرني الله من طلحة والزبير ، بايعاني طائعين غير مكرهين ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته ثم تلا هذه الآية ، ورواه العياشي في تفسيره عن أبي عثمان المؤذن وأبي الطفيل والحسن البصري مثله ، ورواه الشيخ في أماليه عن أبي عثمان المؤذن وفي حديثه قال بكير : فسألت عنها أبا جعفر (عليهما السلام) فقال : صدق الشيخ هكذا قال علي هكذا كان وفيه عن العياشي عن الحسن البصري قال : خطبنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) على هذا المنبر وذلك بعد ما فرغ من أمر طلحة والزبير وعائشة ، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ثم قال : يا أيها الناس والله ما قاتلت هؤلاء إلا بآية تركتها في كتاب الله ، إن الله يقول : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) أما والله لقد عهد إليّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وقال : يا علي لتقاتلن الفئة الباغية والفئة الناكثة والفئة المارقة.