وهنا نعرف أن التكتيكات الحربية إلى سائر التصرفات الرسالية ، كانت كلها بوحي من الله وكما قال الله (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) (٤ : ١٠٥) فحاكميته الرسالية في كل حقولها ليست إلّا بما أراه الله دون رأيه أم آراء المسلمين.
ومهما استشار الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) في ظاهر الحال أصحابه في مواجهة النفير أو العير وأكثرهم كانوا مع العير خائفين عن النفير كأبي بكر وأضرابه ، ولكن قلة قليلة كمقداد وأضرابه تقول «امض لأمر ربك فإنا معك مقاتلون» ولكنه كان ماضيا بأمر الله على أية حال حيث (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ. لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ).
ذلك والمجادلة بين محظورة ومحبورة (١) والمحظورة هي المجادلة
__________________
ـ أحد منا خلاف إلا ابن الحنظلة يعني أبا جهل ، فصر إليه وأعلمه أني حمّلت العير ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلي عقله ، قال : فقصدت خباه وأبلغته ذلك فقال : ان عتبة يتعصب لمحمد فإنه من بني عبد مناف وابنه معه ويريد أن يخذل بين الناس ، لا واللّات والعزى حتى نقحم عليهم يثرب ، أو نأخذهم أسارى فندخلهم مكة وتتسامع العرب بذلك وكان أبو حذيفة بن عتبة مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وكان أبو سفيان لما جاز بالعير بعث إلى قريش قد نجى الله عيركم فارجعوا ودعوا محمدا والعرب وادفعوه بالراح ما اندفع وان لم ترجعوا فردّوا القيان ، فلحقهم الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الجحفة فأراد عتبة أن يرجع فأبى أبو جهل وبنو مخزوم وردوا القيان من الجحفة ، قال : وفزع أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لما بلغهم كثرة قريش واستغاثوا وتضرعوا فأنزل الله : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ).
(١) يروى عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : «نحن المجادلون في دين الله» وقد نهي عن الجدل والاختلاف ، وهو الجدل في الحق لإبطاله أو التشكيك فيه دون عناية لإيضاحه وتحقيقه كما في مفتاح كنوز السنة تحت عنوان «النهي عن الجدل والاختلاف» عن بخ ـ ك ٩٦ ب ٢ و ٣ و ٢٦ ، مس ـ ك ٤٣ ح ١٣٢ و ١٣٤ ، ك ٤٨ ح ٥ ، بد ـ ك ٣٩ ب ٤ ، قا ١٨ ، مج ـ المقدمة ب ٧ و ١٠ ، مي ـ المقدمة ب ٢٨ و ٣٤ ، حم ـ أول ص ٤٥٧ ، ثان ص ٣١٧.
وتحت عنوان «ما يهدم الإسلام من الجدل» عن مى ـ المقدمة ب ٢٢ ، وتحت عنوان ما ـ