وليس ، وقد يبعده ـ إضافة إلى ذلك ـ أن أهل الكتاب غير داخلين في «اقتلوا» وهم تاركوا الصلاة والزكوة وكل الواجبات الإسلامية؟ فكيف يقتل المسلم لتركه إياهما؟
ولكن المرجو من المسلم غير المرجو من غيره كتابيا وسواه ، إلا أنا نجدد السؤال بالنسبة لمن هو مسلم يقيم الصلاة ويؤتي الزكوة ثم يتركهما فهل يقتل بذلك؟ ودون إثباته خرط القتاد!
ذلك ، وقد يعني (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) بعد أن «تابوا» الإعتقاد بوجوب الصلاة والزكوة ، ثم وتطبيقهما دليل ذلك الإعتقاد ، فالذي يتوب عن الإشراك ثم لا يقيم الصلاة ولا يؤتي الزكوة ، لا يعلم منه أنه ـ حقا ـ تاب ، إذ ليست لفظة التوبة هي التوبة ، إنما هي الرجوع عن عقيدة الإشراك ، ثم يعلم ذلك الرجوع بإمارة هامة لتلك العقيدة هي إقام الصلاة وإيتاء الزكوة كرأسين أصليين لزوايا الإيمان عمليا.
فقصارى المستفاد من الآية وجوب قتال المشركين ، ومن تاب عن إشراكه هو خارج عن «المشركين» فلا قتل إياه ، ثم (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) المشروط «بإقام الصلاة وإيتاء الزكوة» لا يختص بالتخلية من قتلهم ، بل وسائر المذكورات معه ك (خُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) فهذه الثلاثة الأخيرة هي أعم في التائب التارك للصلاة والزكوة ، من القتل ، فيستثنى القتل لخروجه عن الإشراك ، ويبقى الباقي لترك العمودين ، حيث المفروض أخذ تاركهما بكل مأخذ وحصره وقعود كل مرصد له حتى يقيم الصلاة ويؤتي الزكوة ، فإنّ (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) تعني تحريرهم عن كل ما ذكر ، فلم يقل «لا تقتلوهم» حتى تختص التخلية بترك قتلهم ، إنما هو تحريرهم طليقا ، وليس يحرّر طليقا تارك الصلاة والزكوة أيا كان.
ثم وهذا النص قصاراه أنه كان يواجه واقعا متميزا في مشركي الجزيرة يومذاك ، فما كان أحدهم ليعلن توبته ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة إلا وهو يعني الإيمان بالإسلام كله ، إذا فالتارك لهذين العمودين ـ