الروح ، ليست لتنفصل عن الإنسان أيّا كان ، فهو بين غافل عنها تقصيرا : (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) ولا تعذره هذه الغفلة المقصرة ، أو ذاكر لها بدرجاته ، فمؤمن بالله.
ثم لا نجد من هو غافل عنها قصورا ، مهما كان قاصرا عن عقلية التكليف أم مجنونا ، وإن كان الله لا يعذب غير المكلفين رحمة منه.
فالفطرة الحاضرة مع الإنسان ما هو كائن على أية حال ، هي الحجة العاصمة المعصومة الربانية ، وهي مع العقلية التكليفية تصبحان حجتين داخليتين ، لا يقبل أي عذر بعدهما أبدا.
فمهما غفل الإنسان أو تغافل عما سواه وعمن سواه ، ليس ليغفل عن نفسه الأصيلة وهي فطرته ، إلا تغافلا مقصرا يخسر فيه نفسه فيخسر كل شيء.
رجعة أخرى إلى آية الذر في ملاحظات :
١ آية الفطرة تعم الناس من آدم وبنيه ، فكيف اختصت آية الذرية ببني آدم ، والفطرة هي الفطرة والميثاق هو الميثاق؟ والآيتان تعنيان عهدا واحدا؟
«بني آدم» قد تعني آدم وبنيه ، وهذه صورة رائعة عن سيرة كلامية رائجة؟ أو أن آدم نفسه استثنى في ذلك المسرح حيث الحجّة الثانية (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) لا تشمله إذ لم يكن له أب أو آباء ، ولم يكن ذرية من بعد آباء لكي تصح له هذه الحجة لو كان مشركا ، وهذا أصح بل هو الصحيح لا سواه ، ثم حجة الغفلة لآدم لو لا حجة الفطرة ، غير قائمة بعد ما عهد الله إليه مهما نسى حين عصى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٢٠ : ١١٩).
وأما بنو آدم ككلّ فليسوا ممن يوحى إليه حتى يكون له عهد ـ غير الفطرة ـ بالوحي ، إذا ف «بني آدم» صيغة قاصدة هادفة.
٢ ما هو موقع (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا) وتلك المسائلة الفطرية تطارد تلك القولة وهذه؟