فوليجة الله ـ كالإخلاص له فيه ـ دائبة لا تنفصل إلا بانفصال الإيمان ، وطالما الوليجة الرسولية منفصلة بانفصاله عنا ولكنها الوليجة الرسالية مستمرة معنا ، في كيانه الرسالي بسنته (صلّى الله عليه وآله وسلم) والآخر المتمثل في عترته (عليهم السلام) ، ومن ثم الوليجة الإيمانية من المؤمنين على كتاب الله وسنة رسوله ، فمتخلفة الولايج من المؤمنين مرفوضة ، والصالحة منها مفروضة ، ولتكون هذه الولايج النيرة الربانية زادا صالحا في هذه السفرة الشاقة البعيدة المليئة بالأشلاء والدماء ، كما أن «في سبيل الله» راحلتهم التي ترحلهم.
فكما أن جهاد المؤمن محصور في سبيل الله ، محسور عما سواها وسواه ، كذلك وليجته في جهاده هي وليجة الله ابتغاء رضاه ورجاء لطفه تعالى في غناه ، ثم وما يرضاه من الرسول والمؤمنين ، وذلك هو الجهاد الصالح دون سواه ، فقد انتقشت كلمة لا إله إلّا الله في زادهم «في سبيل الله» لا سواه ، وراحلتهم (وَلِيجَةً وَاللهُ) لا سواها.
وعبارة أخرى عن «وليجة» هي «بطانة» ف (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (٣ :) ١١٨).
ذلك «وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم به لك ، ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان ، فولوهم الأعمال ، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس ، فأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله» (١).
فعلى المؤمن أن يتزود في قلبه ونيته وليجة الله ، وفي كيف يجاهد؟
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة ٢٠٨ عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).