بتحفة سقاه من ماء زمزم» (١).
(الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٢٢).
تتمة من المواصفات للمفضّلين على سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، وهنا (أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ) بالنسبة لمن دونهم من المؤمنين حقيقة التفضيل ، ولغير المؤمنين مجارات في التفضيل ، أن لو كانت مجرد السقاية والعمارة فضلا فهؤلاء المؤمنون هم (أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ) الذي تسقون حاجّه وتعمّرون بيته ، ففي مثلث المتحملات بين الإيمان وشروطه وغير الإيمان هو أعظم من سواه ، دون مساوات فضلا عن تفضيل اللّاإيمان على الإيمان ، ثم الإيمان الأكمل أفضل من سواه مهما حمل سواه من فضائل متخيلة.
وهنا «رحمة ورضوان» قبل وقبال «جنات» تدل أنهما فوق هذه الجنات ، فهي جنات معرفية «رحمة» لنا منا بفضل الله ، وأخرى روحية من الله فينا «رضوان» (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩ : ٧٢) (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (٣ : ١٥).
ذلك ، فهنا «رضوان» بعد «رحمة» هو أفضل مصاديق الرحمة الطليقة ، فالمعرفة هي سبيل الرضوان ، فهو أصل الرحمة وأثافيّها ، وهنا المعرفة للعبودية والعبودية هي سبيل الرضوان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ). ثم و (خالِدِينَ فِيها) تعم هذه الثلاثة وبقمّتها «رضوان» من الله.
وهنا (نَعِيمٌ مُقِيمٌ) هو قضية فضله تعالى ، فليس العذاب ـ إذا ـ
__________________
(١) المصدر أخرج أبو نعيم عن ابن عباس أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) :