أمر العناية من ذلك التغشي بما بعده من (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ).
ومن ثم (فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ) تحمل الحمل الأوّل لأقل تقدير ، فلا تحمل على الحمل غير الأول كما حملتها روايات شيطانية تشيطن أبوينا في حقل الحمل!
ثم «يشركون» وما بعدها من الجموع المستقبلة لمن يشركون ، تدل بجمعيتها واستقبالها أنها ليست لتعني أبوينا الأولين ، لأنهما اثنان ماضيان دون جمع مستقبل.
كما و «شركاء» وما بعدها من الجموع لا تناسب شخص الشيطان المضلل إياهما في هذه الرواية الشيطانية.
فسواء أكانت «نفس واحدة وزوجها» هما خصوص أبوينا الأولين ، أم وبأحرى كل الآباء والأمهات ، أم المجموع من الأولين وسائر الآباء والأمهات ، ف «ليسكن ـ تغشاها» وما تتلوها من عرض لما استعرض ، لا تناسب إلّا نسل الإنسان ككلّ وبطبيعة الحال ، إلا من رحم الله.
فذلك ـ إذا ـ عرض للحالة التي عليها الأكثرية الساحقة من هذا النوع (١) ، وكما (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٠٧ في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا (عليه السلام) عند المأمون في عصمة الأنبياء عن علي بن محمد الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا (عليه السلام) فقال له المأمون يا بن رسول الله أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزّ وجلّ : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما)؟ قال : إن حوا ولدت لآدم خمسمائة بطن في كل بطن ذكر وأنثى وإن آدم وحوا عاهدا الله تعالى ودعواه وقالا : لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين. فلما آتاهما صالحا من النسل خلقا سويا بريئا من الزمانة والعاهة كان ما آتاهما صنفين : صنفا ذكرانا وصنفا إناثا فجعل الصنفان لله تعالى ذكره شركاء في ما آتاهما «ولم يشكرا» كشكر أبويهما له عزّ وجلّ ، قال الله تعالى : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فقال المأمون:«أشهد أنك ابن رسول الله حقا» وفي الدر المنثور ٣ : ١٥٢ عن ابن عباس قال : «ما أشرك آدم ، إن أولها شكر وآخرها مثل ضربه لمن بعده». وفيه عن السدي في قوله تعالى : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) هذه فصل بين آية آدم ، «خاصة في آلهة العرب» ـ