حيث الفقر ذواتهم ، والنقص كيانهم فأنى لهم سبحان مطلق!
والله تعالى ذاته سبحان وصفاته سبحان وأفعاله سبحان ، وهي هنا : سبحان ذاته ان يعرج إليها عبده أي عروج كان ، في المكانة أو في المكان ، فانه مكن المكان فليس له مكان ، وحد الحدود والجهات فليست له حدود وجهات ، وهو المنهي للنهايات والمغيي للغايات ، فسبحان ذاته أن يكون منتهى العروج لعبده بأي معنى كان ، اللهم إلا قمة المعرفة الممكنة بالله : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)!
ثم وسبحان أفعاله ان يعجز عن معراج عبده بجسمه وروحه إلى سماواته ليريه بعض آياته ، كما يهرف به من لا يعرف قدرته تعالى على كل شيء.
وسبحان صفاته عن ان يضن ويبخل عن هذه المكرمة الغالية لأول العابدين وسيد الخلق أجمعين ، فسبحانه سبحانه سبحانه عن اي رين وشين في هذا البين.
ثم و «سبحان» تتكفل ـ ككل ـ بيان سلبية الصفات غير اللّائقات بجناب عزّه ، كما «الحمد» بيان للثابتات اللائقات بحضرة قدسه.
(الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ...).
«اسرى» من «السّرى» : سير الليل ـ ولكنه مضمّن معنى الرفعة والعلو فسراة كل شيء أعلاه ، كسراة النهار : ارتفاعه ، رفعة حسية او معنوية : (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) (١٩ : ٢٤) رفيعا عظيما هو المسيح (عليه السلام) كما السر وشجرة مستقيمة رفيعة ، وقد تجمع «السرى» بين الرفعتين كما في سرى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سرى أرضية إلى القدس في سفرة جوية ، ثم سماوية الى الأفق الأعلى مكانة ومكانا.