وإذا كانت السرى سير الليل فلما ذا هنا «ليلا» وكما في ثانية (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) (٤٤ : ٢٣) وثالثة (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) (١١ : ٨١) ومن ثم في رابعة تأتي دون ليل (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) (٢٦ : ٥٢)؟؟.
نقول : إن جمع الليل الى السرى إذا كان مع عدم جمعه سيان كما في سرى موسى فالليل لمزيد الإيضاح (١). ام ولكي يعرف أنها في ليلة واحدة لا ليال. وإذا ـ لا ـ كما في لوط : (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) قسم من الليل يؤمن فيه عن ملاحقة قومه ، لا كله أو أية قطعة منه حيث الخطر حادق والعدو حاذق ، فلهذه وتلك.
ام لهذه وسواها من نكات كما في الإسراء يجمعها : ١ ـ دلالة على ان السرى كانت في ليلة واحدة حيث الوحدة لائحة من تنكير «ليلا» لا في ليال ، حيث السرى وحدها أعم من ليلة او ليال. ٢ ـ واشارة إلى انها كانت في قطع من ليلها دون تمامه ، حيث القطعة مشار إليها بالتنكير «ليلا» كما الوحدة ، فاستغراق الليل يقتضي «الليل» لا «ليلا» و ٣ ـ افادة للتعظيم حيث كانت ليلة العروج وكانت الإثنين وما ادراك ما الاثنان؟ انه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولد يوم الاثنين وبعث الاثنين ، وعرج به الاثنين وخرج من مكة مهاجرا الاثنين ودخل المدينة الاثنين ، وارتحل الى رحمة ربه الاثنين ، اثنينات ست تعم حياته ، فسلام عليه يوم ولد ويوم بعث ويوم عرج ويوم هاجر ويوم مات ويوم يبعث حيا ، ثم وهو هو الثاني في الكون والكيان بعد الحضرة الإلهية ، فالله هو الأول في مثلث الذات
__________________
(١) كما في «وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ». قصدا الى ان نفي الاثنينية كاثبات الوحدة مقصود ، دون ان يكون النفي هامشيا.