أسئلة عدة تطرح حول مواضيع من هذه الآية إذ كثرت الأقاويل حول الاجابة عنها :
١ ـ كيف تتقدم ارادة الإهلاك على موجبه (فَفَسَقُوا فِيها) وموجب الإهلاك ليس إلا قبل إرادته ، فإن كانت متعلقة بعذاب مستحق بغير هذا الفسق لم تكن لها صلة بهذا الفسق ، وإن كانت به نفسه فكيف تتقدمه ، او انها إرادة لإهلاك قرية دون صلة لها بأي فسق؟ ثم كيف يتخلف مراد الله عن ارادته ـ وهي نافذة ـ بما يقدّمه من تقدير للفسق؟
أقول : إنها إرادة للإهلاك بفسوق القرية عامة ، حيث الآية السالفة بينت مورد استحقاق العذاب انه في ظرف بعث الرسول وعصيانه ، فهنا استحقاق قاطع لعذاب الاخرى ، واستحقاق جائز لعذاب الأولى لا يتطلب إلا ارادة الإهلاك دون إمضاءه فتحقيقه ، ومما يوحي بذلك واو العطف في (وَإِذا أَرَدْنا) حيث تعطف إرادة العذاب هذه الى بعث الرسول فعصيانه.
وارادة الله منها حتم ومنها دون ذلك ، فحتمها لا مردّ لها (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) (١٣ : ١١) ودونه فيه مرد وبداء وهي التي لم تكمل بعد معداتها ، ولا مرد في إرادة التكوين حيث هي حتم (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣٦ : ٨٢) وقد يكون مرد منه او تصبر حتى يحصل منجزاتها فيما دون هكذا تكوين كإهلاك قرية فاسقة لم تتم منجزات استئصالها كفسوق مترفيها عما أمروا به فيها.
فهنا إرادة للإهلاك بعدها تقدير لتحقيقها : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) فقضاء : (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) فإمضاء : (فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) كما وقبلها مشية وعلم ، وقبل هذه المشية ايضا تقدير لها هو عصيان القرية للرسول حيث يتطلب عذابا محتوما في الأخرى وآخر غير محتوم في الأولى.
فقد علم الله ان اهل هذه القرية فسقت ومن ثم يفسق مترفوها إذا أمروا