تقدير حتى تنتهي إلى إرادة محتومة فقضاء وإمضاء والقضاء هو حق القول : تحتم كلمة العذاب ولم تكن قبل هذا التقدير محتومة وإنما جائزة (١).
ثم الإرادة حتما ودونه هي صفة فعل حادثة وليست أزلية وكما في حوار الإمام الرضا (عليه السلام) مع سليمان المروزي قال (عليه السلام): الا تخبرني عن قول الله عز وجل : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً ...) يعني بذلك أنه يحدث ارادة؟ قال : نعم ـ قال : فإذا أحدث إرادة كان قولك : إن الإرادة هي هو او شيء منه باطلا ، لأنه لا يكون ان يحدث نفسه ، ولا يتغير عن حاله تعالى الله عن ذلك! قال سليمان : إنه لم يكن عنى بذلك أنه يحدث إرادة قال (عليه السلام) : فما عنى به؟ قال : عنى فعل الشيء ، قال (عليه السّلام) : ويلك كم تردد في هذه المسألة وقد أخبرتك أن الارادة محدثة لأن فعل الشيء محدث ، قال : فليس لها معنى! قال (عليه السلام) : قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالإرادة بما لا معنى له؟! فإذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم : إن الله عز وجل لم يزل مريدا! قال : إنما عنيت انها فعل من الله تعالى لم يزل ، قال (عليه السلام) : ألا تعلم ان ما لم يزل لا يكون مفعولا وقديما وحديثا
__________________
ـ السلام) اخبرني عن الارادة من الله ومن الخلق؟ قال فقال : الارادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل واما من الله تعالى فإرادته احداثه لا غير ذلك لأنه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق فارادة الله الفعل لا غير ذلك يقول له : كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك كما انه لا كيف له.
أقول : يعني (عليه السلام) كما انه لا كيف لذاته كذلك لا كيف لفاعليته وان كان مفعوله مكيّفا بكيف فانه فعله ، فإرادته من حيث هي لا كيف له كذاته ولكن مراده مكيّف فافهم.
(١) ان كلمة العذاب هنا جائزة حين أراد الله إهلاك القرية ولكنها حقت حين فسق مترفوها.