أَرَدْنا) كما مضى ، فتبقى «إذا» إذن بلا جواب حاضر ، لأنه ظاهر بنفس الكلام : (فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً)(١).
او ان «أمرنا» تكويني بحيث لا ينافي الاختيار ، إذنا وإرادة من الله في فسق المترفين كجزء أخير للعلة التامة بعد توفر الإختيار لمعدات الفسق المختار (٢).
وهذه كلها من غثها وسمينها في نفسها ليست الآية لتعنيها ، فالقرآن حمال ذو وجوه فاحملوها الى احسن الوجوه ، وأحسنها ما يحملها دون تحميل كما أحسناه ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ، دون الأمر التكوين الذي يسير المترفين الى الفسوق دونما اختيار ، ولكن الأول هو الأول فانه احسن الوجوه لفظيا ومعنويا.
(وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)(١٧).
القرن زمنيا أجزاء من الزمان مقترنة ببعض اعتبارا كمائة سنة ، وحقيقة كسائر الزمن يوم الدنيا ثم البرزخ ثم الاخرة ، ومن حيث الأنفس : القوم المقترنون في زمن واحد ، وعل وحدة الزمن هنا تعني الوحدة النوعية ، وقرن زمني هو الأكثر لبقاء نسل يخلفه آخرون.
وهنا قرون هالكة بما أهلكت حيويتها ، وفسحت مجالات المترفين المترهلين فيها ، هلكة عن هلكة طبقا عن طبق (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)! سنة مضت في الأولين من بعد نوح قرونا تترى ، في ذنوب وتبعات لتخلفاتهم التي
__________________
(١) والمعنى إذا : إذا أردنا ان نهلك قرية من صفتها وحالتها انا أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ـ فدمرناها تدميرا ، والجواب المدلول عليه هذه دون «فاء» : دمرناها تدميرا.
(٢) حيث الأمر ظاهر في التشريعي وهكذا تكويني وان كان في نفسه صحيحا ولكنه يعم عموم الأفعال خيرا وشرا دون خصوص الأشرار المترفين.