لا تتحملها الحياة الإنسانية فيجب القضاء عليها بقسطاس العدل يوم الدنيا قبل الاخرى ، ولكي تصلح الحياة في تداومها ، وتسمح للأحياء أن يمشوا سويا على صراط مستقيم.
وترى لماذا (مِنْ بَعْدِ نُوحٍ)؟ وقد هلكت البشرية الخاطئة النكدة زمنه! أو تهلك قرى قبله لكي تختص الهلكات من بعده؟
(مِنْ بَعْدِ نُوحٍ) حيث تعني من بعد قرن نوح ، توحي ان قرنه هو أول القرون هلاكا ، كما هو أهمها وأعمها للهلاك ملاكا : (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً ... فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (٤٤) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٢٣ : ٤٥) : آيات تترى في عرض قرون هالكة من قرن نوح الى موسى ، تطوي هلكاتها بطياتها طيا ، ثم لا نجد في القرآن آية تتحدث عن قرن هالك منذ آدم حتى نوح ، وعله لأن البعثات الأصلية الرسالية آخذة منذ نوح ، فلم تكن قوة في بعثة قبله حيث (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ...) (٢ : ٢١٣) فكانت البشرية في الفترة السابقة ، على سذاجة الفطرة المتأيدة بعقلية الوحي من غير اولى العزم من الرسل كآدم ومن قبل نوح من المرسلين فلم تستحق إذا ما استحقته القرون منذ نوح ، إذ لم تفعل ـ ولم تكن لتفعل ـ فعلتهم ، ولم تكن حجتهم كحجتهم.
إن القرون الهالكة من بعد نوح مستعرضة في القرآن بتفاصيلها الأصلية كعاد وثمود وتبع وأصحاب الأيكة وقوم فرعون وأصحاب الرس وقرون بين