ذلك كثير ، وقد تستحق الهلاك قرون بعد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا عصوا هكذا ولم يستغفروا (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٨ : ٣٣).
(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً) (١٨).
العاجلة هنا هي الحياة العاجلة الدنيا وزينتها بحيوناتها وشهواتها : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ...) (١١ : ١٨) وتقابلها الآجلة الاخرى ، و (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ) هو المتداوم في هذه الإرادة البئيسة التعيسة حيث يحب العاجلة فيرفض كرها الآجلة : (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً) (٧٦ : ٢٧) (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) (٧٥ : ٢١).
١ ـ فحب العاجلة حيث يتم في القلب فيطمه دون إبقاء لحب الآجلة ، هذا الحب الحاصر يخلّف إرادة حاصرة للعاجلة ، فلا محاولة إلا لها ، ولا تفكير ولا سعي إلا إليها ، كأن لا حياة إلا هيه ، فله في الآجلة نار حامية : (جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً)!
٢ ـ وهناك مريدون للعاجلة كذريعة للآجلة ، وهذه إرادة للآجلة لا العاجلة.
٣ ـ ثم ومريدون للآجلة تاركين للعاجلة حتى كذريعة ، والدنيا مزرعة الآخرة! وكلما توفرت الزراعة خلفت وفرا للنتيجة ، فهذه ـ إذا ـ إرادة ناقصة جاهلة للآجلة.
٤ ـ ورابعة لا للعاجلة فقط ولا للآجلة ، مذبذبين بين ذلك في مثلث : من ـ ٤ ـ عوان بينهما ، او ترجيح لإحداهما على الاخرى (٥ ـ ٦).