فرق ست بين العاجلة والآجلة لا سابع لها خلوا عن أية إرادة ، حيث المريد لا يخلو عن أية إرادة ، اللهم إلا ميتا لا حياة له! ومريد عمل الآخرة للدنيا ليس إلّا مريد الدنيا (١).
وآية العاجلة المهددة بصلي جهنم إنما تعني الأولين حيث يختصون هممهم بالحياة العاجلة ، (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٣٠ : ٧) (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) (٥٣ : ٣٢) (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١١ : ١٨) (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (٤٢ : ٢٠).
وترى إن مريد العاجلة يؤتاها كما يريد وكيفما يريد ، إن بعمل او دون عمل؟ إذا لفسدت الأرض حيث الارادة الخاطئة هذه لا حد لها ، (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)؟ كلا! وإنما (عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ) لا ما يشاء (لِمَنْ نُرِيدُ) لا لمن يريد ... و (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) لا «إرادتهم فيها» و (نُؤْتِهِ مِنْها) لا «نؤته إياها»!
__________________
(١) فمن يريد عمل الآخرة للدنيا فهو لا يريد ـ في الحق ـ الآخرة وانما صورة الآخرة في سيرة الدنيا للدنيا ، إذا فهو ممن كان يريد العاجلة وأضل سبيلا ممن لا يتظاهر بالآخرة.
وفي نور الثقلين ٣ : ١٤٥ ح ١١٤ مجمع البيان وروى ابن عباس ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : معنى الآية من كان يريد ثواب الدنيا بعمله الذي افترضه الله عليه لا يريد وجه الله والدار الآخرة عجل له فيها ما يشاء الله من عرض الدنيا وليس له ثواب في الآخرة وذلك ان الله سبحانه يؤتيه ذلك ليستعين به على الطاعة فيستعمله في معصية الله فيعاقبه الله عليه.