هؤلاء هم أسس النار ثم سائر أهل النار يصطلون بصلاهم وبئس المصير كما أراد موسى أن يصطلي أهله بقبس مما ظنه نارا ونعم المصير : (أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٢٧ : ٧) (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٢٨ : ٢٩).
(وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً)(١٩).
ترى ما هو الفارق بين (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ) ـ (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ) ولماذا تقيّد إرادة الآخرة ب (سَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ) دون ارادة العاجلة؟.
إن (مَنْ كانَ يُرِيدُ) توحي باستمرار كينونة الإرادة ، وهؤلاء هم صالوا النار مدحورين ، وأما «من أراد العاجلة» فقد ينجو بما يتوب قبل الموت ، او إذا لم يتب فإرادة العاجلة دونما استمرار تجمع إرادة الآجلة (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ...) (٩ : ١٠٢).
واما (مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ) فهي وإن كانت لا توحي باستمرار هنا ، إلا ان (وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ) تصريحتان بهذا الاستمرار ، وكما توحي له (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (٤٢ : ٢٠).
وقد تعني (مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ ...) شمولها لمن أرادها آخر حياته أن يريدها ويسعى لها سعيها وهو مؤمن ، فهو ايضا مشكور سعيه قدر سعيه وإيمانه.
فالسعي المشكور في الأخرى تتبناه إرادة الآخرة في الاولى وأن يسعى