ومن ثم «ربك» توحي بهذه التربية العالية التي تفوق العالمين أجمعين ، فعلى ضوء التربية المحمدية : (قَضى رَبُّكَ) بهذه الأقضية ولكن تربوا ربوة عالية على كافة التربيات ولأنها قضاء في الأمة المرحومة في شرعة تجمع الشرائع وزيادة : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) نهي كأول مورد للقضاء او تفسير لها (١).
وقضاء التوحيد هي القاعدة والأساس ، تتبناها سائر التكاليف العقلية وسواها ، فردية وسواها ، فلها في نفس الموحد ركيزة التوحيد ، توحد البواعث والاهداف في كافة الجنبات الحيوية ان يصبح ككل توحيدا في عبادة الله. وكذلك يتمثل ككل : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ان أحسنوا بالوالدين إحسنا (٢) في حال ومال. في حل وتر حال ، في كل حال على أية حال ، لا فقط أن الإساءة إليهما محرمة ، بل وترك الإحسان بهما محرم ، فالاحسان يشمل كل ظاهرة في العشرة حتى وفي المشي والقعود والتسمية وعلى حد المروي عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (٣).
يفرض هنا وهناك إحسان الأولاد بالوالدين ولا يفرض العكس ، لأن البنوة والناشئة المتغافلة الجديدة هي المحتاجة إلى استجاشة وجدان البر والرحمة ، حيث الوالدان مندفعان بالفطرة إلى الإحسان بالأولاد ، لا ينسونهم او يتناسون حتى وإذا نسوا أنفسهم. ولكنما الناشئة فسرعان ما
__________________
(١) فعلى الأول تقدر الباء «بان لا تعبدوا» وان ناصبة ولا تعبدوا نفي بمعنى الأمر وعلى الثاني دون تقدير وان مفسرة ولا تعبدوا نهي.
(٢) وان هنا مفسرة دون تقدير للباء إذ لا تدخل الناصبة على غير المضارع اللهم إلّا على تقدير ان تحنوا.
(٣) الدر المنثور ٣ : ١٧١ ـ اخرج ابن مردويه عن عائشة قالت أتى رجل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومعه شيخ فقال من هذا معك؟ قال أبي قال : لا تمشين امامه ولا تقعد قبله ولا تدعه باسمه ولا تستسبّ له.