(وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) : اخفض لهما ... كما خفضا لك واين خفض من خفض؟ اخفض لهما جناح الذل ، لا جناح العزو الكبرياء أن ترعاهما تحت جناحك امتنانا وامتهانا ، حتى ولو كانت رعاية كاملة كافلة ، فانه جناح فيه جناح ، وانما جناح الذل الخافض من الرحمة مثلث من الرعاية يحمل ارحمها وأتمها.
فليكن كلك لهما جناحا ، من فكرة او قولة او فعلة ، من مال او حال او منال ، وليلمسا أنهما عندك في جناح أيا كان وأنّى وأيان ، ومن ثم ذل في كل جناح ، وليكن جناح الذل ثابتا من أصول الرحمة ، جانحا طاقات العطوفة ، فترك بسط الجناح لهما جناح ، وجناح العز جناح ، وجناح الذل من دون رحمة جناح ، وانما جناح الذل من الرحمة (١) فرغم ان الجناح لا يعني لصاحبه إلا ان يطير به ، فهو وجاه الوالدين فرش لهما يعيشان عليه ، او يطير به الوالدين الى مآربهما ، كما الطائر إذا يطير يرفع جناحه وإذا يرعى فرخه يخفضه من الرحمة ، وخلاصة المعني من خفض الجناح الإخبات
__________________
(١) اصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في آية الوالدين سئل ما هذا الإحسان؟ فقال : الإحسان ان تحسن صحبتهما وان لا تكلفهما ان يسألاك مما يحتاجان إليك وان كانا مستغنيين أليس الله يقول (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ثم قال (عليه السلام) واما قول الله عز وجل (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ ...) ان أضجراك فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ان ضرباك (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) ان ضرباك فقل لهما غفر الله لكما فذلك قول كريم (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ـ) لا تمل عينيك في النظر إليهما الا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقم قدامهما.
وفي الدر المنثور ٣ : ١٧٤ ـ اخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس (رضي الله عليه) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أصبح مطيعا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة وان كان واحدا فواحد ومن امسى عاصيا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار وان كان واحدا فواحدة قال رجل : وان ظلماه؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وان ظلماه وان ظلماه وان ظلماه.