للوالدين وإلانة القول لهما والرفق واللطف بهما.
في كلّ ذلك يشترك الوالدان. مسلمين كانا او كافرين (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) (٣١ : ١٥) معروفهما وهو هكذا إحسان إليهما.
ثم يختص الوالدان المسلمان بمزيد الإحسان حيين كانا او ميتين ان تدعو لهما بخير وتستغفر (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً).
ف «ارحمهما» من الرحم والرحمة بالنسبة للدنيا وللآخرة ، ام وللدنيا فقط كما للمشركين فان الاستغفار لهما ممنوع : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ..) (٩ : ١١٣)(١) فإذا تبين أن الوالدين او أحدهما من اصحاب الجحيم لا يسمح لهما الاستغفار حياتا ومماتا ، اللهم إلا طلبا للرحمة الالهية ان تشملهما حالة الحياة بأن يؤمنا او يخففا عن شركهما ، وهذه الآية وان كان بينها وبين آية الوالدين عموم من وجه تتوارد ان في الوالدين المشركين الا ان هذه نص في العموم بدليل الإشراك من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم فلتقيد آية الوالدين دون ريب.
__________________
(١) الذر المنثور ٣ : ١٧١ ـ اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله تعالى : «وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما ...» ثم انزل الله بعد هذا : «ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى».
وفيه عن ابن عباس وقتادة قالا : نسختها الآية التي في براءة (ما كانَ لِلنَّبِيِّ ...) أقول : هذا تقييد لا طلاق آية الاسترحام ولان القرآن كان ينزل نجوما من عام وخاصه ومن مطلق ومقيده ، لذلك قد لا يعتبر مثل ذلك نسخا ، او يقال : أريد الإطلاق أولا ثم نسخ الإطلاق ، ولكن «ما كان» يضرب الى اعماق الماضي ان هذا الاستغفار كان محرما منذ البداية ، وعله كان من الضروري عدم جواز الاستغفار للمشركين من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم ...» ثم النسخ على خمسة اقسام : نسخ العموم او الإطلاق او الخصوص او التقيد او نسخ مباين جزئيا.