ان فرض طاعة الأبوين والإحسان إليهما هو بعد فرض الله تعالى فلا يتعارضان حتى يؤخذ بالأهم ولا أهم إلا فرض الله ، ولا تعارض بين الفرض المخير فيه من الله والفرض القاطع وجاه الأبوين ، اللهم إلا في الكفائي إذا كان تركه ينقص الكفاية ، وإذا كان نهيهما عن المستحب لصالح له أولهما يتنجز الترك ، واما النهي دون صالح فلا ، مهما كان «رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما» (١) فانه فيما لم يناف رضى الله او يستوجب سخط الله!.
ففي الاستنفار العام للجهاد او الدفاع او اي واجب جماعي يجب النفر ولا يمنعه منع الوالدين ، وفيما دونه من الواجبات الكفائية او التخييرية قد
__________________
ـ عن معاوية بن جابر عن أبيه قال : أتيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أستشيره في الجهاد فقال : ألك والدة؟ قلت : نعم ـ قال : اذهب فألزمها فان الجنة عند رجليها واخرج مثله عبد الرزاق عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأضاف ثم الثانية ثم الثالثة لمثل ذلك» أقول : لعله يعني الرجعة اليه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) او الاستشارة اليه ثانية ، وثالثة فقال : كمثل ذلك.
وفيه اخرج ابن مردويه والبيهقي عن انس أتى رجل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : اني اشتهي الجهاد ولا اقدر عليه فقال : هل بقي احد من والديك؟ قال : امي قال : فاتق الله فيها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج معتمر ومجاهد ، فإذا دعتك أمك فاتق الله وبرها.
واخرج البيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لنومك على السرير بين والديك تضحكهما ويضحكانك أفضل من جهادك بالسيف في سبيل الله. واخرج عنه قال مر رجل له جسم يعني خلقا فقالوا : لو كان هذا في سبيل الله فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعله يكد على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله لعلّه يكد على صبية صغار فهو في سبيل الله لعله يكد على نفسه ليغنيها عن الناس فهو في سبيل الله
(١) تفسير الزمخشري ج ٢ ص ٥١٣ وفي هامشه يسنده الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعدة طرق.