يفرضه أمرهما كما يمنعه منعهما اللهم الا إذا كان عن عناد أم اللامبالات بالدين فلا حتى في ترك المستحبات وفعل المكروهات ، وجملة القول في حدود الإحسان بالوالدين ألا يكون فيه إساءة الى الله ام الى سواه دونما استحقاق ، ولا يكون معارضة للشرعة الإلهية ، ففيما أنت بالخيار فعلا او تركا في المباحات والمستحبات والمكروهات وحتى الواجبات التخييرية او الكفائية غير المنجزة قد ينجز أمرهما او نهيهما فتصبح واحدة من هذه الخمس واجبا عليك معينة او محرمة إذا كان في هذا التنجيز مصلحة لك أولهما او حنانا عليك منهما ، دون ان يكون عن جهلهما او تجاهلهما او اللامبالات منهما ام ماذا؟ مما هو إساءة بأحكام الله.
ثم إن حرمة لفظة الاف او لمحتها او تضجر ظاهر بالنسبة للأبوين لا تمنع حليتها او وجوبها في مقام إقامة البرهان لإثبات حق الله كما (قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ ... إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) حيث كان في مقام الاحتجاج لابطال الشرك واثبات التوحيد وهو واجب الدعوة الرسالية الاولى والاخيرة ، اضافة الى ان آزر لم يكن والده وانما عمه أوجده لأمه ، وحتى إذا كان والده كان قد ادى واجبه الرسالي.
ولقد اوصى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة من عترته بمختلف أشكال الإحسان بالوالدين لحد القول في الابن «أنت وما لك لأبيك» (١)!.
__________________
(١) الكشاف للزمخشري ٢ : ٥١٤ من رواية سعيد بن المسيب شكا رجل الى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أباه انه يأخذ ماله فدعا به فإذا شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال : انه كان ضعيفا وانا قوي وفقيرا وانا غني فكنت لا امنعه شيئا من مالي واليوم انا ضعيف وهو قوي وانا فقير وهو غني ويبخل علي بماله فبكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال : ما من حجر ولا مدر يسمع هذا الا بكى ثم قال للولد : أنت وما لك لأبيك أنت وما لك لأبيك» وشكا اليه آخر سوء خلق امه فقال (صلّى الله عليه ـ