تنزيهيا تعطفا عليه يشمله صدر الآية (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) ثم الذيل (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) لا يشمله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ابدا. بل الصدر ايضا حيث التبذير هو ألا تنتفع ولا تنفع بما تدفع وقد تضر او تتضرر ، وليس منه إنفاق مالك كله في سبيل الله فتقعد ملوما محسورا ولا إنفاقك منا أو أذى ، ام ماذا من موارد الإنفاق التي ليست هدرا كله ولا ضرا كله ، وإن كان ممنوعا منهيا عنه.
والنهي عن التبذير مطلق لنفسه ولمكان «تبذيرا» يشمل تبذير النفس والنفيس ، فتبذير النفس محرم أيا كان ، أن يهدر الإنسان نفسه انتحارا ام تعريضا للقتل او الجرح او المرض او أية اصابة بدنية او روحية دون مقابل موازن او هو أرجح.
كذلك وتبذير المال أن تصرفه في غير حلال او تهدره دون صرف ، ام في حلال برئاء او سمعة او من او أذى ، ام في حلال باستئصال المال ان تبسط يدك كل البسط فتقعد ملوما محسورا ، مهما اختلفت اخوّة الشياطين في هذه وتلك.
وباحرى منعا صرف المال فيما يضرك نفسيا ام ماذا ، كالدخان وأخواتها من سائر المخدرات ، التي تضرك ماليا ونفسيا ، وكلما كان عدم الانتفاع في الإيتاء اكثر ، والضرر اكثر ، ومن حيث الشمول أوسع فحرمة التبذير اكثر واخوة الشياطين أوفر.
ولأن (ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (٩٣ : ١١) والتحديث بنعمة الله إظهارها وصرفها في مرضات الله ، فتبديلها إذا يخلف شديد العقاب : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ
__________________
ـ والمسكين وابن السبيل ولا تبذير تبذيرا ـ قال : حسبي يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).